الصراع من أجل الذاكرة

أحاول بكل جهدي وطاقتي الحفاظ على كل ما كتب سامر، سواء كان على الفضاء الإلكتروني أو في أي صورة ممكنة. أراجع الأوراق وبين شقوق الدواليب والأدراج بحثا عن كلمة أو ورقة شاردة كتب عليها فكرة وتركها. الهاجس الدائم الذي يطاردني هو الخوف من النسيان! الصور والفيديوهات تحمل الكثير ولكن الأكثر هو الذي يصعب تخزينه: كيف أحاول استعادة رائحة سامر؟ كيف أحاول استعادة ابتسامته عندما يراني بعد غياب أيام بين مطارات العالم؟ كيف أسترجع لمسة يده أو قبلته؟ كيف أحفظ كل هذا من الضياع؟

 

ليس لدي الكثير من الأمل ولكن سأظل أحاول بكل طاقتي لعل الجهد يثمر ذات يوم أحتاج فيه إلى جملة بعينها ولا أجدها سوى في هذه الفتات الشاردة على الفيسبوك أو التويتر أو في رسالة على الموبايل كنت نسيتها

Picture-1512

أيها المتحدثون عن الله: أحتفظوا بالكلمات جيدا ستحتاجوها يوما

أيها المعزون الحافظون كلمات العزاء جيدا
إليكم جميعا يا من لا تترددون في استعادة آيات من كل الكتب السماوية لتأكيد أن الله رحيم وعظيم
إلى كل الأقارب والأهل والأصدقاء والزملاء الذين يفتشون في كتب الصلوات ويجدون إثبات أن سامر حي ولكننا لا نراه
إلى كل المتحدثين بسلطة الله على الأرض
إلى كل المتحدثين عن حب الله ورحمته
ستحتاجون هذه الكلمات لأنفسكم أيام كثيرة
ستأتي مصائب وستجاهدون وقتها ولن يوجد من يردد لكم هذه الكلمات المكررة
ستبحثون عن الله الذي حدثتوني عنه
وربما يكون حظكم أوفر مني ويستمع لصلواتكم
لأنه لم يستمع لي أو لكم من قبل

20130312-113047.jpg

تعويذة الحياة مرة أخرى

لو كنت فقط من خبراء السحر!! لو كنت فقط من المشعوذين و”المخاوين” وأصدقاء الشياطين لما ترددت
لجبت العالم أجمع بحثا عن تعويذة الحياة، عن شجرة الحياة الأبدية
لأعدت سامر مرة أخرى هنا وحصنتنا من كل الأمراض الموجودة في الدنيا
لأغلقت علينا باب من حديد لئلا يدخل أحد
لدفنتنا معا أحياء في قبر مشترك
لا يهم وقتها ماذا يحدث في القبر
المهم أننا معا

20130312-112306.jpg

مائدة طعام لسامر

أجلس على طاولة الطعام مع أبي وأمي. صورة سامر في خلفية المرآة. كل الطعام الذي كان يحبه موجود: الجرجير الطازج والبطاطس المسلوقة بالبهارات وخمسة أنواع مختلفة من فاكهة الموسم
ولكن سامر لم يكن يجلس بجواري كما هي عادته
اكتفيت بكسرة خبز مع القليل من الجبن الذي لم نحبه يوما
لم أستطيع أن أقرب أي طعام آخر له رائحة نفاذة

ومائدة الإفطار لم يكن ليرضى عنها سامر! بدون فول “الدولي” الشهير الذي يقبع على بعد أمتار قليلة من منزلهم. كل ما وضع على المائدة هو بقايا عشاء الليلة السابقة وذكرى من أطعمة كانت شهية جدا ذات يوم بعيد
لم توجد روائح أو ملامح دفء
كلها مأكولات باردة لا تناسب صباحات سامر
ولكن سامر ليس هناك ليفرز الثلاجة ويجد كل ما لذ وطاب ويسخن الخبز القديم ليصبح طازج مرة أخرى
وسامر ليس هنا ليناوش بيلي كلبهم الشقي ويقذف له بالكرة بعيدا ويراه يرقص على قدميه الخلفيتين لمرئى بقايا دجاجة طبختها أمي لسامر
سامر ليس هنا

ولكنه بالتأكيد راجع! وإلا لماذا يتبقى طعام في الحياة؟

20130312-095439.jpg