رسالة من سامر؟

يوما عصيبا هو امتداد لأيام عصيبة كثيرة بدأت تشكل وجداني. صرخت منذ فتحت عيني صباحا “تعالى يا سامر أرجوك” أصرخ وأدع صوتي يعلو فوق صوت الشارع البعيد والمصعد المزعج وأوناش البناء المجاورة للمنزل. لا أحد يجيب، أخرج من بين الأغطية وملابس سامر التي أصبحت جزء أصيل من نومي، لأن هناك أشياء لابد أن أفعلها. يمتد اليوم بلا حدود. الدقائق تمر بلا أمل. صراخ داخلي مميت ومستمر
عد لي يا سامر! أين أنت؟
ألتقي صديق قديم من أصدقاؤه وهو أيضا لا يصدق ما حدث، يتحدث بقوة وراحة عن مشاعره. لا أشعر بثقل وجودي كما اعتدت في الأسابيع الماضية
أخيرا في السيارة أترك العنان لمشاعر الألم تأكلني
تمتد يدي إلى سي دي

من أيام قليلة مضت تم بيع سيارة سامر القديمة. ترك لنا البائع حقيبة صغيرة تحتوي بعض الأشياء “غير القيمة” التي كانت بالسيارة، منها كتب و مجموعة سي ديهات جميعها متشابه. تركتها في السيارة وبداخلي شعور قوي أنني بحاجة لسماع مفاجآت بدون تخطيط
وجدت يدي تمتد اليوم إليها. أختار واحد بعشوائية

يبدو أنه قديم ويتعثر في الدخول والتشغيل
ولكن أخيرا بدأ صوت عود بعيد
السي دي القديم تم استخدامه عشرات المرات فيما يبدو حتى بدأت ذراته تمحى
ولكن استمر العود فترة وظهر فجأة آخر صوت توقعته في الدنيا: زياد رحباني!!!!!!!!

مربى الدلال

على كلن على كل حال يعني بكل الاحوال
ممنونو انا لأبوكي ممنونو عالاستقبال .

قلي يا ابني كيف احوالك ..وصرنا نتحدث بالاحوال
قلتلو سيدي طمنلك بالك ..عيشي رضية قد الحال
قلي بتعرف بنتي .. طلبها المحامي
واللي بيجو لعنا من احسن عيال
مش كل ساعة في محامي لكن متلك امتال ..

على كلن على كل حال يعني بكل الاحوال
ممنونو انا لأبوكي ممنونو عالاستقبال ..

قلي شو عندك .. وين رسمالك
قلتلو بتعرف والله يا خال ..
حبي رسمالي وهي انا قبالك
لاهدية جايب ولا اموال
رح قلك للدغري احوالي مابتغري
ورتوني المكنسي وطلعت زبال
اذا بيني وبين المحامي شغلة مابدها سؤال ,,

على كلن على كل حال يعني بكل حال
ممنونو انا لأبوكي ممنونو عالاستقبال ..

قلتلو ساكن خلف العمارة
لاهي تخشيبة ولاعرزال
بغسل على ايدي وبنشر بالحارة
لافريزر جايب ولا غسال
عندي صوفا صغيرة ..فيها تصفي كبيرة
بتقدر تستعملها بكل الاشكال
هيدا المحامي منين نبت
لا عالخاطر ولا عالبال

على كلن على كل حال يعني بكل الاحاول
ممنونك انا يا عمي ممنونك عالاستقبال
على كلن على كل حال يعني بكل الاحوال
ممنونك انا يا عمي ممنونك عالاستقبال ..

هل كان سامر يسمعني ويبعث لي بهذه الرسالة الساخرة؟
لم أعد أستطيع تصديق شيء ولكن أريد تصديق كل شيء
أريد تصديق أن سامر معي يضحك على هذه الأغنية وعلى سخرية صديقه من الدنيا

20130313-203504.jpg

ماذا لو فشلت في الحياة؟

هناك أيام صعبة جدا: وهي ليست الايام التي أتذكر فيها سامر ولكن الايام التي لا أستطيع أن أراه ولا تكفيني الروائح التي في الملابس ولا في فرشاة الشعر ولا في زجاجة البارفان. الكتلة الحجرية التي تثقل مكان القلب تصبح بلا هدف ولا أمل! مجرد حزن رهيب دفين بلا دموع.
أشعر بعدم القدرة على الاستمرار في الحياة
I’m failing to survive
لا استطيع الحديث مع أحد ولا أريد أن أخرج للشارع
لا أريد حديث عن الحياة الجميلة القادمة ولا الجنة التي يتمتع بها سامر
لا أريد الحديث عن الموت
الكلمات تختنق قبل أن تصل إلى عقلي. ولكن باختصار هي لحظة الفشل في الاستمرار في الحياة
فشلت في محاولات ادعاء الحياة
لا أريد أن اشعر انني أفضل ولا أهتم إن كان المرض ينهش في جسدي أو الألم فوق الاحتمال
كل هذه مشاعر غير موجودة
مجرد تذكرة بأن النفس مستمر والقلب يضخ الدم
لا أريد
لا اريد
لا أريد
لا أريد